Tuesday, July 11, 2006

شخصيات من السجن


أبو سنسة
عرفته مع بداية عملى بالسياسة, عندما رسبت فى مادة الكيمياء الحيوية فى السنة الثانية, وكان على أن أعيد السنة فى هذه المادة فقط, ولإستمرار بقائى بالأسكندرية حيث أصبحت مجالى السياسى, ولرفع عبئى المادى عن أبى الفقير, قررت البحث عن عمل.
كان لى قريب يعمل مهندسا فى القطاع الخاص, قصدته للبحث عن عمل, توسَط وألحقنى بعمل مؤقت فى شركة حسن علام للمقاولات, فى إحى العمليات بمصنع باتا للأحذية بمنطقة القبارى, حيث إلتقيت به هناك.
كان يعمل بالبوفيه, يصنع الشاى والقهوة للموظفين والعمال بالعملية, عرفت فيما بعد أن إسمه الحقيقى محمد فريد حسنين, ولقَب بأبو سنسه تكنية بإبنته سناء, إقتربت منه كثيرا فى هذه الأيام, تعرفت على الجانب الإنسانى من شخصيته, وحكى لى قصته.
عاش حياة عريضة مليئة بالأحداث, ولد لأسرة رقيقة بمنطقة الورديان, عمل منذ طفولته بأكثر من مهنه, لينتهى به المطاف فى تجارة المخدرات, صبيالأحد المعلمين, فموزعا, ليستقل بنفسه فى النهاية كواحد من التجار الصغار,لينقل نشاطه بعد ذلك إلى مرسى مطروح كواحد من اكبر التجَار بمنطقة الصحراء الغربية.
أقام فى مرسى مطروح وإمتلك فيها بيتا, وعاش فيها كأحد الأعيان دون أن يعرف أحدا بنشاطه, وصاهر أحد كبار شيوخ القبائل بها من إبنته’’كاميليا‘‘وكانت على جانب كبير من الجمال.
كان شديد الذكاء, وعلى درجة عالية من المراوغة, فلم يستطيعون إصطياده, رغم محاولة نصب العديد من الكمائن له, أخيرا عندما قدم الى المنطقة ضابط مباحث شاب على درجة عالية من الغرور, حاول أكثر من مرة أن يوقعه متلبسا لكنه فشل, وأخيرا , لفَق له قضية, وقبض عليه وحوكم وحكم بالمؤبد, واودع السجن.
فى السجن إنقطعت عنه جميع الأخبار, لا زيارات, لارسائل, لاشيئ على الإطلاق, مرَت أيام عصيبة, بعدها إستعاد توازنه, ألحقه مأمور السجن بخدمته, وهذا يعتبر فى عرف السجون حظوة كبيرة, بعدها بدأ يمارس بعض أنواع التجارة بين المساجين, لتلبية إحتياجاتهم البسيطة, محققا دخلا لا بأس به, يمكنه من الصرف على نفسه, وتحقيق فائض مناسب.
عاود الإتصال بأسرته, متابعا أخبار زوجته وإبنتيه, كبروا وهو بالسجن, لم يطلب لنفسه شيئا, بل حاول المساعده من بعض دخله من التجارة, عندما تقدم لخطبة سناء عريس, كانت هديته لها غرفة نوم صنعت فى ورش السجن, إشتراها بالتقسيط.
بعد إنتهاء مدة حبسه (15عاما) ,خرج إلى الحرية, ولم يكن هناك أحد فى إنتظاره, ذهب مسرعا إلى مرسى مطروح, مشتاقا الى زوجته وإبنتيه, كان إستقباله فاترا, لم يكن مرحبا به من زوجته أو والدها, لم يكن يحسن عملا, ولم يشأ العودة الى المخدرات, أقسم أن يبتعد عنها نهائيا, إشتغل عاملا فى أحد المقاهى, يعود آخر الليل مكدودا, لا يجد من يؤنسه, زوجيه تصدَه بإستمرار, والبنات لا يعرنه أى إهتمام.
ضاقت به الحياه, تعرف أثناء ذلك على مهندس شاب من روَاد المقهى, طلب مساعدته فى البحث عن عمل, عرض عليه هذه الوظيفة, عامل بوفيه بعملية توسعات مصنع باتا بالقبارى.
***
إستقر به المقام بالأسكندرية, وبدأت أحواله فى التحسن تدريجيا, حيث أصبح يبيع شاى وقهوة ومشروبات إلى عمَال المصنع, إستأجر شقة بالورديان, ,تزوج من أرملة من الصعيد,مقيمة فى الأسكندرية, وأنجب منها طفلة أسماها’عبير‘, دعانى لحضور حفل سبوعهاالذى أقيم على سطح البيت, موسيقى وأضواء وعوالم, شاهدت لأول مرَة من يسمون حرامية الجمرك, الذين يسرقون السفن التجارية من الميناء, ويتعرضون لمطاردة رجال الشرطة وإطلاق النار عليهم, كانوا يرقصون ويتباهون بالحصول على الجنيه من فوَهه البندقية.
توثقت علاقتى به, أخبرنى ذات يوم أن زوجته الأولى أدخلت المستشفى بالأسكندرية, كانت ماتزال زوجة له, رفضت الطلاق منه, عندما ذهب لزيارتها رفضت مقابلته, ذهبت الى المستشفى لرؤيتها, من باب الفضول, كانت ترتدى ملابس المستشفى, وتضع على رأسها إيشارب أحمر,لها سنَة ذهبية, بالغة الجمال والأنوثة.
مع إقتراب موعد الإمتحان ودعتهم, وعدت الى الدراسة, وإتمرت علاقتى بأبو سنسة متفرقة لبعض الوقت, ثم إنقطعت أخباره عنى لعدة شهور.
فى أحد ايام يوليو الحارة, كنت قريبا من سكنى فى منطقة’زوسر‘ إلتقيته, كان يمشى شاردا, ذقنه طويله, ملابسه غير مهندمة, ناديته فلم ينتبه, أسرعت تجاهه, إحتضننى بين ذراعيه, سأل عن أحوالى ودراستى وعلاقتى بأسرتى وأشياء أخرى كثيرة قبل أن أسأله عن أخباره, دمعت عيناه وهو يقول, أتذكر عبير التى حضرت سبوعها, لقد تركتها الآن فى البيت ميته, وأمها معها, وأغلقت عليهم باب الشقة, وليس معى مصاريف الكفن والجنازة, سألته وعملك ماذا صنعت به, أجابنى بمرارة, تركته عندما شتمنى المهندس بشرى بأمى, لم أحتمل, شتمته , فترضنى من العمل.
أعطيته ما كان معى, وكان قليلا على أى حال, حاول معرفة مكانى لرد المبلغ لاحقا, رفضت قائلا , يوما سنلتقى.
***
إنشغلت بعد ذلك بالعمل السياسى فى الجامعة,ولم يعد فى الذهن مكان لأبوسنسة, حتى كان يوما قبض على مجموعة من الزملاءوالزميلات وأنا بينهم, وإقتادونا إلى السجن, وفى الصباح عندما فتحوا الزنازين للفسحة, رأيته, كان فى الدور الذى يعلونا من العنبر, ناديته, فإلتفت إلى مشدوها وألق بنفسه على الدرابزين ليسقط أمامى, بالأحضان كان لقاؤنا, سألنى مستغربا عن سبب دخولى السجن, لم أشأ أن أطل, مجيبا’ سياسة‘.
حكى لى محدثا منذ آخر لقاء, ضاقت به الدنيا بعد وفاة إبنته وعجزه عن الحصول على عمل, لم تكن لديه خيارات كثيرة,لكن لم يفكر لحظة فى العودة لتجارة المخدرات, فكر فى شخص يقرضه مبلغا متواضعا ليبدأ به مشروعا صغيرا, نصبة شاى بأحد النواصى أوالميادين, فجأة تذكر ’بسيمة‘.
كانت تسكن بالطابق الأرضى بأحد عمارات سبورتنج القريبة من الكورنيش, عملا معا منذ أكثر من عشرين عاما فى تجارة المخدرات, طرق باب شقتها مترددا, فتحت له فتاة يمتلأ وجهها بالمساحيق, سأل عن المعلمة, سمحت له بالدخول حتى تستأذنها, جلس فى الصالون متوترا, دخلت عليه, عرفته مباشرة, رحبت به كثيرا, أخبرته أنه لم يتغير, سألته عن أخباره, عندما طلب منها المال لم تتأخر.
سألها بتردد عن أخبار تجارتها, أجابته أنها كفت عن تجارة الكيف إلى مجال آخر من التجارة, الرقيق الأبيض أو الدعارة, لديها عدد من الشقق المفروشة, وعدد من العاهرات, يشتغلن لديها فى أقدم مهنة عرفتها المرأة.
بعد الغذاء, أثناء وجوده فى الحمام سمع جلبة بالصالة, فوجيء برجلين يحملان مطاوى ويهددن المعلمة والبنات, إستل سكينا من المطبخ وخرج لهم, ما أن رأوه حتى القوا بالمطاوى وهم يعتذرون, لم نكن نعرف أنك موجود يا معلم, تذكرهم, كانوا بعض صبيانه فى ذاك الزمن.
أحست المعلمة انها وجدت أخيرا الشخص الذى تبحث عنه, ألحَت عليه أن يعمل معها ’بودى جارد‘, لم يجد بدا من الموافقة, خاصة انه لا توجد لديه خيارات أخرى مغرية.
تحول إلى رجل ليل, وذاع صيته فى كباريهات الأسكندرية, وعلى الكورنيش, بعد فترة قصيرة فكر فى الإستقلال بالعمل لنفسه, كان له ما أراد, أصبح لديه عدد من الشقق, وشبكة من العلاقات, ومال كثير.
لم تكن زوجته الثانية تعلم عن عمله شيئا, وفى يوم قبض عليه مع مجموعة من فتياته, ودخل السجن, حيث إلتقينا هناك.
فى السجن أخبرنى أن معه محام شاطر, وأنه سيخرج قريبا بكفالة, عرفت من إحدى زميلاتنا فى سجن النساء أن هناك مجموعة من البنات يسمين ’بنات ابو سنسة‘ فصدَقت روايته, بعد مدة تقرر الإفراج عنَا, كان مازال هناك, طلب منى أن أذهب إلى بيته فى الورديان لنقل رسالة الى زوجته, ولكننى بعد الخروج لم أهتم كثيرا.
***
بعد خروجى بشهور كنت أقف فى شارع محرم بك فى إنتظار الاتوبيس, فجأة وقفت سيارة أمام المقف وإذا به يقودها مناديا على, ركبت معه مستغربا, أخبرنى أنه خرج من السجن بالأمس فقط ,وأنه فى طريقه إلى المحامى, أخبرنى أنه فى إنتظارى الليلة لنسهر معا, وعدته أننى سأكون على الموعد, ولكننى قررت عدم الذهاب.
تمت

Tuesday, July 04, 2006

من الشعر الشعبى

النسر قال للعقاب شيل بينا ياللا يا طير

قبل المذلَة وقبل حكم الهفايا لا غير

دا إبن القويق جا وحكم وإتمدت أيامه

بلد إن حكمها القويق ما عدش فيها خير

Monday, July 03, 2006

إشتياق

الزيف فى كل مكان
الزيف ملا الأركان وفاض
الزيف بيتباع علنى فى الدكاكين
معشش فى حمى الدواوين
طالل من السحنات ف بسمات صفرا
الزيف فى كاس النبيت
أحمر بلون الدما
ممصوصة م الفقرا
الزيف فى كلمة خانعة ممطوطة
’’ياسعادة البيه‘‘
فى رنَة الفضة على رخامة
وف زحمة الأسواق

الزيف فى أى مكان
الزيف فى كل مكان
***
وإنتى على البر واقفة
يم الأيادى العفية
يم النهود السخية
وام العيال سمرة بلون النيل
وام البنات حلوة ياعين ياليل
وعنيكى نبع الحنان
***
إرمى حبال الأمان دا البحر عالى الطوف
مدى الأيادى وعدَى من جبال الخوف
خلى النهار ربَان
غنى يا للى أمان
***
والله زمان يامصر
تشَقى توب القهر
وتستحمى بمية المحاياه
وتطلعى للعلالى
راكبة اغلى مهر
لجلن توَفى الندر
وولادك المغاووير على بابك
بينازلوا غصَابك
ويحلبوا م الليلى
ليكى أحلى نصر
***

والله زمان يا مصر